بسم الله الرحمن الرحيم
الكلام العذب في عدم جواز الجذب
هذا بحث متواضع قمت به حول ماذا يفعل من دخل فوجد الصفوف مملوءة؟وما حكم صلاته منفردا؟ راجيا أن ينفع الله بها.خلاصته أن الصلاة صحيحة خلف الصف منفردا شرط أنه لم يجد مدخلا في الصف،وأن الجذب غير جائزفي هذه الحالة.
قال ابن القاسم: وقال مالك: من صلى خلف الصفوف وحده فان صلاته تامة مجزئة عنه ولا يجبذ إليه أحدا.(المدونة الكبرى1/105).
قال ابن القاسم :فقلت لمالك أفيجبذ رجلا من الصف إليه قال :لا وكره ذلك. (المدونة الكبرى1/106).
قال ابن تيمية: أَنْ لَا يَجِدَ الرَّجُلُ مَوْقِفًا إلَّا خَلْفَ الصَّفِّ، فَهَذَا فِيهِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْمُبْطِلِينَ لِصَلَاةِ الْمُنْفَرِدِ، وَالْأَظْهَرُ صِحَّةُ صَلَاتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، لِأَنَّ جَمِيعَ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ تَسْقُطُ بِالْعَجْزِ.( الفتاوى الكبرى2/327).
قال ابن قيم الجوزية: أن الرجل إذا لم يجد خلف الصف من يقوم معه وتعذر عليه الدخول في الصف ووقف معه فذا صحت صلاته للحاجة وهذا هو القياس المحض فإن واجبات الصلاة تسقط بالعجز عنها ...وهو وجه في مذهب أحمد وهو اختيار شيخنا رحمه الله.وبالجملة فليست المصافة أوجب من غيرها فإذا سقط ما هو أوجب منها للعذر فهي أولى بالسقوط ومن قواعد الشرع الكلية أنه "لا واجب مع عجز ولا حرام مع ضرورة".إعلام الموقعين عن رب العالمين(2/ص41).
قال ابن قدامة المقدسي: إذا دخل المأموم, فوجد في الصف فرجة دخل فيها فإن لم يجد, وقف عن يمين الإمام ولا يستحب أن يجذب رجلا فيقوم معه.فإن لم يمكنه ذلك نبه رجلا فخرج فوقف معه وبهذا قال عطاء والنخعي قالا: يجذب رجلا فيقوم معه وكره ذلك مالك, والأوزاعي واستقبحه أحمد وإسحاق.(المغني3/ص55).
قال الشوكاني:وقد اختلف فيمن لم يجد فرجة ولا سعة في الصف ما الذي يفعل فحكى عن نصه في البويطي أنه يقف منفردا ولا يجذب إلى نفسه أحدا لأنه لو جذب إلى نفسه واحدا لفوت عليه فضيلة الصف الأول ولأوقع الخلل في الصف وبهذا قال أبو الطيب الطبري وحكاه عن مالك . وقال أكثر أصحاب الشافعي وبه قالت الهادوية أنه يجذب إلى نفسه واحدا ويستحب للمجذوب أن يساعده ولا فرق بين الداخل في أثناء الصلاة والحاضر في ابتدائها في ذلك وقد روي عن عطاء وإبراهيم النخعي أن الداخل إلى الصلاة والصفوف قد استوت واتصلت يجوز له أن يجذب إلى نفسه واحدا ليقوم معه واستقبح ذلك أحمد وإسحاق وكرهه الأوزاعي ومالك . وقال بعضهم جذب الرجل في الصف ظلم .(نيل الأوطار3/ص228-229).
قال الألباني في "السلسلة الضعيفة و الموضوعة " ( 2 / 322 ) :إذا ثبت ضعف الحديث فلا يصح حينئذ القول بمشروعية جذب الرجل من الصف ليصف معه , لأنه تشريع بدون نص صحيح , و هذا لا يجوز ,بل الواجب أن ينضم إلى الصف إذا أمكن و إلا صلى وحده ,و صلاته صحيحة , لأنه (لا يكلف الله نفس إلا وسعها ),و حديث الأمر بالإعادة محمول على ما إذا قصر في الواجب و هو الإنضمام في الصف و سد الفرج و أما إذا لم يجد فرجة ,فليس بمقصر ,فلا يعقل أن يحكم على صلاته بالبطلان في هذه الحالة , و هذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية ,فقال في الاختيارات "( ص 42 ):"و تصح صلاة الفذ لعذر ,و قاله الحنفية ,و إذا لم يجد إلا موقفا خلف الصف ,فالأفضل أن يقف وحده و لا يجذب من يصافه , لما في الجذب من التصرف في المجذوب , فإن كان المجذوب يطيعه, فأيهما أفضل له و للمجذوب ?الاصطفاف مع بقاء فرجة , أو وقوف المتأخر وحده?و كذلك لو حضر اثنان ,و في الصف فرجة ,فأيهما أفضل وقوفهما جميعا أو سد أحدهما الفرجة ,و ينفرد الآخر ?الراجح الاصطفاف مع بقاء الفرجة,لأن سد الفرجة مستحب , و الاصطفاف واجب " . قلت :كيف يكون سد الفرج مستحبا فقط , و رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح :"من وصل صفا وصله الله , و من قطع صفا قطعه الله " . فالحق أن سد الفرج واجب ما أمكن , و إلا وقف وحده لما سبق . و الله أعلم .